الــدور السادس ..سلمٌ مرهق بالفعل .. تحملته بأتربته الخانقة حتى وصلت إلى الدور التالى .. وبابٌ فُتح على مصراعيه ...
تعجبت كثيراً وأنا أنظر إليها وقد وقفت أمام مرآتها تضبط حجابها وعلى شفتيها ابتسامة راحة - بعد اقتناع تام- أن الحجاب فرضٌ عليها لا اختيار .. وعندما انتهت من ضبطه مدت يديها لضبط " البادى الأحمر " و " البنطلون الجينز الأزرق " ... لينتهى الأمر بنثر عطرها النفاذ والذى ملأ جنبات غرفتها ..!
ومر عامٌ وكررت زيارتى .. وقد جلست ساكنتنا على سريرها أمام صديقتها تتحدث إليها قائلة .. طبعاً مقتنعة إنه فرض عليَّا .. بس تعبت بجد .. كل لما اظبط "
الأوصَّة " الحجاب يغطيها .... لكن إن شاء الله أنا نويت "
والنية لله" إنى بليل هصلى صلاة استخارة وأشوف هكمل لبس الحجاب على طول
"
ولا فى رمضان كفاية ؟!! " ...
الــدور السابع .. استكملت صعودى .. للبحث عن ساكن جديد ..
ووهــمٍ جديد ...
جلس خلف شاشة حاسوبه .. وقد بدأ فى خط مشاركته بالمنتدى العريق الذى أصبح به مشرفاً نتيجة مجهوداته الضخمة
وموضوعاته التى لا تعد ولا تحصى!كانت المشاركة عبارة عن تحذير قوى اللهجة لأحد الاعضاء المخطئين .. " أيها العضو
أليل الأدب .. لو كنت لا تعرف ازاى ترد فى منتدى كبير ومحترم زى دا ..
يبقا متجيش تانى .. أو هحذفك من المنتدى حذف!! " .. وبعدها رنّ هاتفه المحمول ورد على أحد أصدقائه .. " لا مش هينفع آجى أذاكر معاكوا انهاردة .. فى مسابقة جامدة فى المنتدى ولازم أشرف عليها بنفسى ..
أصل أنا مهم أوى فى المنتدى إنت مش فاهم يابنى ..! "
وعام وكررت الزيارة .. ومشرفنا العزيز يخط بأصابعه على الكيبورد الخاص به رداً على مشاركات التهنئة له
بالترقية الجديدة .. " يا جماعة ربنا يخليكوا
النجاح الباهر دا عشانكوا إنتوا مش عشان حد تانى .. "
ورن هاتفه المحمول .. وتغيرت الإبتسامة على وجهه .. وصوت مكتوم من بين شفتيه خرج "
سقطت فى الكلية .. مش ممكن .. ليه بس .. ليه .. ليه ...!"
الــدور الثامن .. ها قد اقتربت من الدور الثامن وقد أُرهقت من هذا السلم العتيق .. وها هو باب ساكننا الجديد ...
جلس أمام تلفازه " الفلات 29 بوصة " .. وقد انهمرت دموعه متأثراً بما يراه أمامه فى كليب " الحلم العربى " ولا يكاد مصدقاً عينيه! .. "أى وحشية تلك؟!" .. "أى جريمة يقترفونها؟!" .. " تباً لهم ولمن معهم!" ..
وعندها نهض إلى اللابتوب الخاص به .. وارتشف من "
كانز البيبسى " رشفة تهدأ من روعه .. ثم انطلقت أصابعه فى كل المنتديات أن "
قاطعوهم بكل ما أوتيتم من قوة " ..
وبعد قليل عاد إلى التلفاز من جديد وقد انتهى كليب " الحلم العربى" .. وبدأ كليب جديد " قرب نص نص " .. واستكمل ارتشاف "
كانزه المفضل " ..
مع قطعة من البيتزا الساخنة .. مع ابتسامة ارتياح أنه
فعــل ما يجــب فــعله!وبعد عام كررت الزيارة .. لأجد ساكننا يزرف الدموع زرفاً أمام كليب آخر مؤثر " الضمير العربى " .. لينهض من جديد يدق بعنف من جديد على أزرار لابتوبه الجديد " قاطعووووووووهم " .. إلى أن قاطعه صوت كليبه المفضل الجديد للمطرب " الروش " الجديد ..
عاد عندها إلى تلفازه وبدأ فى ارتشاف " باقى كانزه " .. مؤمناً فى داخله أنه سيقوم بعد الكليب مباشرة ليستكمل ...
"
حملة المقاطعة ..! "
الــدور التاسع .. استكملت صعودى نحو الدور التالى وقد أنهكنى الصعود الذى يبدو وكأن لا نهاية له أو لتلك العمارة الغريبة ...
وصلت إلى الدور التاسع لأجد باباً
معتم اللون مغلقاً على من بداخله .. وعندها اخترقته كما يخترق الضوء الزجاج .. باحثاً عن ساكنوا ذاك المكان ..
غرفة معتمة
لا ضوء فيها سوى القليل .. اقتربت أكثر وأكثر لاعرف ما يفعل ساكننا او ساكنتنا .. اقتربت ثم اقتربت .. وعندها كانت المفاجأة بالنسبة لى! ..
لم ادرى أننى سأرى ذلك الوهم يوماً
وجهاً لوجه ..!
وهنا .. جلست على درجات السلم وتوقفت عن الصعود .. آملاً أن تجدوا زائراً جديداً ..
يستكمل معكم رحلتكم فى ...
عِـــمارةُ الأوهام ...! لـــدور العاشر ..أستكمل صعود من سبقني مع وهم مس الكثير وخشيت أن يمسني !!!
عِـــمارةُ الأوهام ...!
ذلك الطابق بدي لي غريب , تدافع الناس لتلك الشقة كان عجيب, بالفعل بها شئ مريب, تسللت مستكشفاً حائراً فوجدت
رجلاً يقال له " مولانا" , ترددت عبارات من غيرك سيداوي مرضانا, وجدت عنده عقول واهية , من قضاء ربها
ليست راضية , فتاة تقبل علي الثلاثين , راجية من" مولانا" زوج أمين , وجدت رجل أعمال , يقذف في حجر مولانا
بالمال , عنده لــ "مولانا" سؤال , هل هي صفقة الملايين أم ان الفلك يوصيني بتركها فهي من الملاعيين !!
ثم وجدت ولد صغير, مقبل علي مرحلة علمية لتحديد المصير, انتباه وسواس ربما جان أدرك أهله ان لم يأت لـ مولانا
فهو مهان !!!!
ومرت أعوام وعاودت الزيارة , فوجدت الشقة خاوية علي عروشها , أخبرني جيرانها أنه لم يجرأ أحد ان يكون
ساكنها , ماتت ابن " مولانا" التي جاوزت الثلاثين , وكان مولانا علي فراقها حزين , بارت بجواره , أبطل مفعول
حجابه ؟! , ماتت المسكينة بمرض لعين والأب "مولانا سابقاً " خلف القضبان سجين , أحسست بارتياح , كأني
رأيت ظلاماً محاه الفلاح , ثم فذعت فجأة !! سائلاً لِـمَ لـمٌ يكن بالشقة أحداً , أجاب الجار الجميع منها فار فبها جان
جبار , قُلت والله مابها الاخرافة من عند العطار !!!!!!
عِمــارة الأوهام .. فكرةٌ تسللت إلى عقلى واستقرت به كثيراً .. وحاولت أن أقدمها لكم فى صورة ومضات سريعة من حياتنا وحياة الآخرين ..
ومضات تنبيه من تلك العِمارة الخفية التى يسكنها الأغلبية .. وهناك منهم من يسكن دوراً أو دورين أو أكثر وأكثر .. هناك من كان ساكناً وهناك من يسكن الآن .. وهناك من هو مقدمٌ إليها ...
عرضت بعضاً من الكثير ..
وسأنتظر من بينكم من يخرج لنا بالأدوار التالية والتالية وما أكثرها ...
أصدقائى .. لسنا معصومين من الخطأ ولن نكون يوماً .. فقط لا تتركوا أنفسكم فى تلك العمارة كثيراً .. ولا تنخدعوا ببريقها من الخارج ..
أفيقوا من أوهامكم ولا تجعلوها حصاراً يختنق معه مستقبلكم ..
ثوروا على أوهامكم وعلى تلك العمارة ..
إهدموا عمارة الأوهام .. قبل أن تُهدَم عليكم ...!منقــــــــــــــــــــــــــــــــول